قصه قصيره
المرتد بعد الموت للوداع*...........ﺟﺎﺀ ﻳﻮﺩﻋﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺨﻔﻲ ﻣﻼﻣﺢ ﺍﻷﺛﻴﺮ ﺩﻭﻥ ﻋﻠﻤـﻪ .. ﻟﻴﺮﺗﺪ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻭﺩﺍﻋﺎَ ﻟﺮﻓﻴﻖ ﺍﻟﺪﺭﺏ .. ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﻮﺃﻡ .. ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺍﻛﺐ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ .. ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﻌﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﺘﺸﺒﺚ ﺑﺠﺪﺍﺭ ﺍﻟﺮﺣﻢ .. ﺗﻮﺃﻣﺎﻥ ﺗﺰﺍﻣﻨﺖ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻧﻔﺨﺔ ﺍﻟﺮﻭﺡ .. ﺛﻢ ﺍﻟﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﻤﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺿﻴﺎﻓﺔ ﺍﻟﺮﺣﻢ .. ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﺣﺔ ﺍﻹﻃﻼﻟﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ .. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﺍﻵﺫﺍﻥ ﺍﻟﺼﺮﺧﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻷﺣﺪ ﺛﻢ ﺍﻟﺼﺮﺧﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻵﺧﺮ .. ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮﻯ ﻟﻸﻫﻞ ﻭﺍﻷﺣﺒﺎﺏ ﺑﻘﺪﻭﻡ ﻭﻟـﺪ ﺛﻢ ﻭﻟـﺪ .. ﻭﻋﻤﺖ ﺍﻟﻔﺮﺣﺔ ﺑﻴﺘﺎَ ﻭﺃﻫﻼَ ﺑﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﺣﺔ ﻓﺮﺣﺘﻴﻦ .. ﻓﺘﻮﺍﺯﻧﺖ ﻛﻔﺘﺎ ﺍﻟﻤﻬﺪ ﺑﺄﺣﻠﻰ ﻃﻔﻠﻴﻦ .. ﻭﺍﻷﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺬﻝ ﺍﻟﻘﺒﻼﺕ ﻟﻬﺬﺍ ﺛﻢ ﻟﻬﺬﺍ .. ﺛﻢ ﺗﺸﻚ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﻣﺮﺗﻴﻦ .. ﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻚ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺗﻜﺎﻣﻞ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻌﺠﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻼﻣﺢ ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﺧﻼﻳﺎ ﺍﻟﺠﺴﻢ .. ﻭﺳﺒﺤﺎﻥ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺎﺀ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺸﺎﺀ .. ﻭﻟﻠﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺧﺎﻧﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ .. ﺃﻣﺎ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻄﻔﻠﻴﻦ ﻓﻜﺎﻥ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﺎﻟﺞ ﻣﻦ ﺣﺒﺔ ﺭﻭﺡ ﻭﺍﺣﺪﺓ .. ﺃﻱ ﻧﺼﻒ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺘﻮﺍﺟﺪ ﻓﻲ ﺃﺟﺴﺎﺩ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ .. ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺗﻘﺎﺭﺑﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﺪ ﺃﻭﺟﺪﺍ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎَ ﻭﺍﺣﺪﺍَ ﺑﺎﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﻭﺍﻟﺘﻄﺎﺑﻖ .. ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﻤﻴﻤﺔ ﻟﻠﻄﻔﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﻭﺍﻟﻨﻤﺎﺀ .. ﻃﻔﻼﻥ ﻳﻼﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﺨﻄﻮﺓ ﺗﻠﻮ ﺍﻟﺨﻄﻮﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻜﺎﻥ .. ﻳﻠﻌﺒﺎﻥ ﺳﻮﻳﺎَ ﻭﻳﻤﺮﺣﺎﻥ ﺳﻮﻳﺎَ ﻭﻗﺪ ﻳﺒﻜﻴﺎﻥ ﺳﻮﻳﺎَ ﻭﻳﻀﺤﻜﺎﻥ .. ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻤﺎ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻭﺍﻟﺤﻮﺍﺱ .. ﺣﻴﺚ ﺇﺫﺍ ﻧﺎﻡ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺑﺎﻟﻨﻮﻡ ﻓﻮﺭﺍَ .. ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻤﺎﺛﻞ ﺳﺎﻋﺔ ﺗﻨﺒﻴﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻮﺭﺍَ ﺩﻭﻥ ﺃﻳﺔ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺇﻳﺤﺎﺀ .. ﻓﻜﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺎﻋﺔ ﺗﻨﺒﻴﻪ ﺳﺤﺮﻳﺔ ﺗﻨﺒﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﺟﺮﺍﺱ !! .. ﻭﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﻳﺎﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﺧﺬ ﺩﻭﺭﺗﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻐﻼﻣﻴﻦ ﺑﻮﺗﻴﺮﺓ ﻣﻨﺴﻮﺧﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ .. ﻓﺎﻟﺨﻼﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻘﺎﺳﻢ ﺑﻤﻌﺪﻻﺕ ﻣﺘﻮﺍﺯﻧﺔ ﻣﺘﻮﺍﺯﻳﺔ ﻣﺘﺸﺎﺑﻪ ﻋﺠﻴﺒﺔ .. ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ .. ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻋﺮﻋﺖ ﻟﺘﻤﺮ ﺑﻤﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ .. ﺛﻢ ﺑﻤﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺼﺒﺎ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻫﻘﺔ .. ﺛﻢ ﺑﻤﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﺮﺟﻮﻟﺔ .. ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮ .. ﻓﻌﻨﺪﻫﺎ ﺗﻨﺎﺩﻱ ﺍﻷﻧﻔﺲ ﺑﻤﺰﺍﻳﺎ ﺍﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ .. ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﻟﺘﻨﺎﺩﻱ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺇﻛﻤﺎﻝ ﻣﺸﻮﺍﺭ ﺁﺩﻡ ﻓﻲ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﺒﺬﺭﺓ ﺍﻟﻤﻠﻘﺤﺔ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ .. ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺃﻭﺣﺖ ﻟﻬﻤﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ ﺣﺎﻥ ﻹﻳﺠﺎﺩ ﺩﺭﺑﻴﻦ ﻣﻨﻔﺼﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺸﻮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .. ﻓﺴﺎﻓﺮ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﻳﺒﺘﻐﻲ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻷﻭﺳﻊ ﺑﺎﻟﻀﺮﺏ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ .. ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﻣﺴﺒﺒﺎﺕ ﺗﻤﻬـﺪ ﻹﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﻌﺶ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ .. ﺗﺎﺭﻛﺎَ ﺍﻟﺘﻮﺃﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻩ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﻭﺣﻴﺪﺍَ .. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﺃﺷﻖ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻭﺃﻣﺮﻫﺎ ﻭﺃﻭﺟﻌﻬﺎ ﻭﺃﻗﺴﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻮﺃﻣﻴﻦ .. ﻭﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺗﻌﺎﻧﻖ ﺍﻷﺧﻮﺍﻥ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺕ .. ﻭﺟﺮﺕ ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ .. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﻘﺎﻃﺮﺓ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﻙ ﻭﺗﻐﺎﺩﺭ ﺍﻟﻤﺤﻄﺔ ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻧﺼﻔﻪ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻦ ﺷﺒﺎﻙ ﻋﺮﺑﺔ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭﻫﻮ ﻳﻠﻮﺡ ﺑﻴﺪﻳﻪ ﻟﺮﻓﻴﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮ .. ﻭﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﺗﻨﻬﻤﺮ ﻏﺰﻳﺮﺓ ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻴﻪ .. ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻛﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎَ ﻳﺪﻣﻊ ﻭﻳﺮﻛﺾ ﻟﻴﻼﺣﻖ ﺍﻟﻘﺎﻃﺮﺓ ﻭﻳﻠﻮﺡ ﺑﻴﺪﻳﻪ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﺭﺓ ﻭﻳﺄﺱ ﺷﺪﻳﺪ .**....... ﻣﺮﺕ ﺳﻨﺔ ﻭﺳﻨﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﻕ .. ﻭﺍﻟﺘﻮﺃﻣﺎﻥ ﻳﺘﻮﻗﺎﻥ ﻭﻳﺸﺘﺎﻗﺎﻥ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﺑﺸﺪﺓ ﻋﺠﻴﺒﺔ .. ﺛﻢ ﺟﺮﺕ ﻣﺠﺮﻳﺎﺕ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﺎﺯﻣﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﺭﺿﺔ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ .. ﻓﻜﺎﻥ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﻛﻤﺎﻝ ﻣﺸﻮﺍﺭ ﺍﻻﻏﺘﺮﺍﺏ ﺑﺄﻱ ﺛﻤﻦ ﻭﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﻓﻲ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﻕ .. ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﻤﺮ ﻟﺤﻈﺔ ﻟﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ .. ﻓﻄﻮﺍﻝ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﻕ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻮﺃﻣﺎﻥ ﻳﺠﺘﺮﻋﺎﻥ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻹﻧﻔﺮﺍﺩ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ .. ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﺿﺄ ﺍﻟﻤﻐﺘﺮﺏ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍَ ﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻓﺴﻤﻊ ﺭﻧﻴﻦ ﻫﺎﺗﻔﻪ ﺍﻟﺠﻮﺍﻝ .. ﻓﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﻮﺑﺎﻳﻞ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﺘﻮﺃﻡ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﻮﺑﺎﻳﻞ .. ﻓﻔﺮﺡ ﻗﻠﺒﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍَ ﻭﺭﻗﺼﺖ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ .. ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻘﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺼﺪﻕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﻭﻫﻠﺔ .. ﺣﻴﺚ ﺃﻧﻪ ﺃﺷﺘﺮﻯ ﺍﻟﻤﻮﺑﺎﻳﻞ ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺭﻗﻢ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ .. ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻄﻲ ﻷﺣﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﻗﻢ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ .. ﻭﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺑﺮﻗﻤﻪ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻭﻃﻨﻪ ﺍﻷﻡ !! .. ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﻛﺜﻴﺮﺍَ ﻓﻲ ﺍﻵﻭﻧﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ .. ﺣﻴﺚ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻷﺧﺮﻯ ﺛﻢ ﻷﺧﺮﻯ !! .. ﻭﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﺴﺎﻧﺤﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮﺓ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺒﺮ ﺑﻪ ﺍﻷﻫﻞ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻩ .. ﻭﻟﻜﻦ ﺻﻮﺕ ﺃﺧﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻠﻔﻮﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﻛﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻂ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ .. ﻭﻳﺆﻛﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺘﻮﺍﺟﺪ ﻣﻌﻪ ﺣﺎﻟﻴﺎَ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .. ﺑﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻓﺎﺩ ﺑﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻳﺘﻮﺍﺟﺪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ .. ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻩ ﺑﺸﻮﻕ ﺷﺪﻳﺪ .. ﻓﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﻤﻐﺘﺮﺏ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ .. ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻷﺥ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻳﺚ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻭﺟﻬﺎَ ﻟﻮﺟﻪ ﻭﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺳﻮﻑ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮﺡ ﺍﻟﻤﻄﻮﻝ .. ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﻤﻐﺘﺮﺏ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻭﺑﻔﺮﺣﺔ ﻏﺎﻣﺮﺓ ﻭﻟﺒﺲ ﺛﻴﺎﺑﻪ ﻭﻏﺎﺩﺭ ﺳﻜﻨﻪ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺃﻣﺎﻡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻌﻴﺪﺍَ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﺳﻜﻨﻪ .. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻗﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻣﺎﻣﻲ ﻟﻤﺢ ﺃﺧﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻒ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻩ .. ﻓﺮﻛﺾ ﻧﺤﻮ ﺃﺧﻴﻪ ﻭﺭﻛﺾ ﺍﻷﺥ ﻧﺤﻮﻩ ﺛﻢ ﺗﻌﺎﻧﻘﺎ ﺑﺸﺪﺓ .. ﻭﻣﺮﺕ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻭﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻭﻫﻤﺎ ﻣﺘﻌﺎﻧﻘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﺗﻨﻬﻤﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ .. ﻭﻟﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﺎﻕ ﺩﺍﻣﺖ ﺩﻭﻥ ﺣﺮﻭﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ .. ﻭﻓﺠﺄﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺑﺎﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﺘﻨﺒﻬﺎ ﻟﺬﻟﻚ .. ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻷﺧﻴﻪ ﺩﻋﻨﺎ ﻧﺪﺧﻞ ﻭﻧﺼﻠﻲ ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ .. ﻓﺪﺧﻼ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻮﺭﺍَ ﻭﻭﻗﻔﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻒ ﻣﻌﺎَ ﺟﻨﺒﺎَ ﻟﺠﻨﺐ .. ﻳﺆﺩﻳﺎﻥ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻛﺘﻤﻠﺖ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ .. ﻓﺴﻠﻢ ﺍﻟﻤﻐﺘﺮﺏ ﻳﻤﻴﻨﺎَ ﻭﻳﺴﺎﺭﺍَ ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﻴﺔ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ .. ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻠﺲ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻠﺲ ﺑﻴﺴﺎﺭﻩ ﻟﻴﺲ ﺑﺄﺧﻴﻪ .. ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺛﻢ ﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﺼﻠﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺃﺧﻴﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻒ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻜﺒﻴﺮﺓ ﻟﻌﺬﺭ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺬﺍﺭ .. ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪﻩ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﻴﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ .. ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻃﺎﻑ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻪ .. ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪﻩ ﻓﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﺮﺓ ﺷﺪﻳﺪﺓ .. ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺑﺠﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻭﺍﻷﺯﻗﺔ ﻭﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﻟﻌﻠﻪ ﻗﺪ ﺗﺎﻩ ﻭﺿﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻬﻮ ﺟﺪﻳﺪ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .. ﻭﻟﻜﻦ ﺿﺎﻋﺖ ﻛﻞ ﻣﺠﻬﻮﺩﺍﺗﻪ ﺳﺪﺍَ ﻭﻫﺒﺎﺀَ .. ﻭﺣﺪﺛﺘﻪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺄﻥ ﻳﻄﻮﻑ ﻭﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻃﻮﻻَ ﻭﻋﺮﺿﺎَ .. ﻓﻠﺒﻰ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺃﻣﻀﻰ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻤﻀﻨﻲ .. ﺣﺘﻰ ﺍﺷﺘﻜﺖ ﺃﻗﺪﺍﻣﻪ .. ﺛﻢ ﻭﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺮﺓ ﺷﺪﻳﺪﺓ .. ﻭﺑﺪﺃﺕ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻤﻴﻞ ﻟﻠﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ .. ﻭﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﻳﺠﺎﺩﻩ ﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ .. ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﺗﺼﻞ ﻓﻮﺭﺍَ ﺑﺎﻟﺘﻠﻔﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻷﻫﻞ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻩ ﻟﻴﻌﺮﻑ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻋﻦ ﻭﺟﻬﺔ ﺃﺧﻴﻪ .. ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪﺍﺕ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻫﻞ ﺑﺄﻥ ﺃﺧﻴﻪ ﻗﺪ ﺗﻮﻓﻲ ﻭﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻨﺬ ﺷﻬﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎَ .. ﻭﺃﻧﻬﻢ ﺣﺎﻭﻟﻮﺍ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﻪ ﻹﺧﺒﺎﺭﻩ ﺑﺎﻟﻨﺒﺄ ﺍﻟﺤﺰﻳﻦ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻪ .. ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻋﺠﺰﻭﺍ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺗﻮﺍﺟﺪﻩ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ !! .*